وفي أغسطس 2025، شهدت طرابلس تحركات عسكرية غير مسبوقة، حيث وصلت أرتال مسلحة من مدن غرب ليبيا إلى العاصمة، مما أثار قلق السكان من اندلاع مواجهات جديدة.
وتزامنت هذه التحركات مع اجتماعات أمنية مغلقة، بما في ذلك لقاء عقده مستشار الأمن القومي إبراهيم الدبيبة مع قادة ميليشيات من غرب ليبيا، بهدف تعزيز نفوذ حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها بقيادة عبد الحميد الدبيبة.

وأفادت تقارير بأن هذه التحركات تهدف إلى تحجيم خصوم الحكومة، وسط مخاوف من تصعيد عسكري قد يعرقل جهود الحل السياسي.
كما شهدت المدينة، في وقت سابق من هذا العام، اشتباكات مسلحة بين مجموعات تابعة لحكومة الوحدة الوطنية، خاصة في منطقة تاجوراء شرقي العاصمة في أغسطس 2024، أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص.
وانتهت تلك الاشتباكات بتدخل فصيل عسكري ثالث للوساطة، لكنها عكست استمرار صراعات النفوذ بين الفصائل المسلحة.
في مايو 2025، تفاقمت الأوضاع بعد مقتل قائد جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الككلي، مما أدى إلى قرارات من الدبيبة بحل وإعادة هيكلة أجهزة أمنية، مما زاد من حدة التوتر.
على الصعيد السياسي، تسعى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى تعزيز الحوار بين الأطراف المتصارعة.
وقد أعربت البعثة عن قلقها العميق إزاء تصاعد العنف، داعية إلى الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الموقع في أكتوبر 2020، وتجنب أي تصعيد عسكري.
كما أعلن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، عن تحركات دولية ومحلية لمنع إشعال الحرب في طرابلس، محذراً الأطراف المتصارعة من عواقب أي تصعيد.
في سياق متصل، كشف وزير الداخلية الليبي، عماد الطرابلسي، في فبراير 2024، عن اتفاق لإخلاء العاصمة من الجماعات المسلحة، مثل جهاز الأمن العام وجهاز دعم الاستقرار، بهدف تقليص نفوذ الميليشيات، ومع ذلك، يواجه هذا الاتفاق صعوبات بسبب الجمود السياسي واستمرار المنافسات الأمنية.

وفي إطار جهود الحل، أكد ثلاثة زعماء ليبيين، في وقت سابق من 2024، على ضرورة تشكيل حكومة موحدة جديدة للإشراف على انتخابات وطنية طال انتظارها. هذا الاتفاق، الذي يهدف إلى إنهاء الانقسام بين حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في طرابلس والحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، ومع ذلك، أبدت حكومة طرابلس تحفظات على بعض المبادرات الأممية، مما يعقد تنفيذ الاتفاق.
وأعرب الاتحاد الأوروبي، من خلال رئيس بعثته في ليبيا نيكولا أورنالدو، عن قلقه إزاء التطورات الأمنية، داعياً إلى الحوار السلمي وانسحاب القوات المسلحة من المناطق السكنية لحماية المدنيين.
كما أصدرت سفارات دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا، بيانات مشتركة تدعو إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد.
ويظل الانقسام السياسي بين الحكومتين في طرابلس وبنغازي، إلى جانب التنافس الدولي والإقليمي، العقبة الرئيسية أمام الاستقرار.
ومع استمرار التحركات العسكرية ورفض بعض الأطراف التخلي عن النفوذ، يبقى الوضع في طرابلس هشاً.
وتواجه طرابلس تحديات أمنية وسياسية معقدة، لكن جهود الحوار الأممي والمحلي، إلى جانب الاتفاقيات الأخيرة، تمثل بارقة أمل لتجنب الحرب.
ومع ذلك، يتطلب تحقيق الاستقرار إرادة سياسية قوية من الأطراف الليبية ودعماً دولياً موحداً لتجاوز الانقسامات وإنهاء الفوضى التي تعاني منها البلاد منذ سنوات.