وتشهد المدينة تحولات جذرية منذ إطلاق “خطة بنغازي الكبرى 2025″، حيث يظهر ذلك جلياً في المشهد العمراني المتغير الذي يشهد حركة دؤوبة لإنشاء جسور حديثة تربط أحياء المدينة المتنامية، فيما تتسارع أعمال بناء مطار تيكة الدولي الجديد الذي يُتوقع أن يصبح بوابة رئيسية لشرق ليبيا.
وقد نجحت المدينة في تحويل هذا الزخم إلى فرص استثمارية حقيقية، حيث تجسد ذلك في توقيع 17 مذكرة تفاهم مع كبرى الشركات الإيطالية، تغطي قطاعات استراتيجية مثل الطاقة المتجددة والبنية التحتية الرقمية.
أما درنة فتكتب فصلاً مختلفاً من قصص النهوض، حيث تحولت المدينة إلى نموذج عملي لتحديات إعادة الإعمار بعد الكارثة الطبيعية التي أودت بحياة الآلاف ودمرت أحياء كاملة.
وتشير التقارير الدولية إلى حجم التحديات المالية، مع حاجة ماسة لتغطية عجز يقدر بنحو 150 مليون دولار بين حجم الخسائر والتمويل المتاح.
ومع ذلك، تظهر بوادر أمل في مسار التعافي، كان أبرزها عقد اجتماع لمصرف ليبيا المركزي داخل المدينة للمرة الأولى، وإطلاق مبادرات لصناديق استثمارية محلية.
رغم اختلاف السياقات، يبرز تقاطع واضح في مساري المدينتين، حيث تسهم مشاريع الطاقة والمياه – التي تشمل إنشاء 62 محطة معالجة جديدة على مستوى البلاد – في دعم النهضة بكلا المدينتين.
كما يعكس تنظيم فعاليات كبرى مثل المنتدى الاقتصادي الليبي الإيطالي وبطولة إفريقيا للكرة المصغرة، رغبة مشتركة في إعادة ربط شرق ليبيا بمحيطيه الإقليمي والدولي.
وتبقى المؤشرات الإيجابية لافتة، خاصة مع تحسن القدرة الشرائية وظهور علامات لانتعاش قطاعات مثل الصناعات الغذائية والتجزئة.
تمثل بنغازي ودرنة وجهين متكاملين لنهضة شرق ليبيا، حيث تقدم الأولى نموذجاً للتحول الاقتصادي الطموح، بينما تجسد الثانية قصة إنسانية للصمود وإعادة البناء.