ويأتي هذا التطور بعد جولات تفقدية واسعة أجراها نائب قائد الجيش، صدام خليفة حفتر، شملت المعابر الحدودية مع الجزائر والنيجر وتشاد والسودان ومصر، بهدف ترسيخ الوجود الليبي في مناطق تعاني فراغاً أمنياً منذ سقوط نظام القذافي.
ويأتي الاتفاق في وقت تشهد فيه منطقة الساحل تراجعاً لدور القوى التقليدية، مقابل توسع نفوذ روسيا والإمارات العربية المتحدة، ما يجعل التعاون الليبي–التشادي ضرورة لمراقبة تحركات الميليشيات والحد من شبكات التهريب وتدفقات المهاجرين غير النظاميين.
وتمثل الخطوة أهمية استراتيجية لكلا البلدين: فليبيا تسعى للسيطرة على نشاط الميليشيات التشادية في فزان، بينما تستفيد تشاد من ضبط تدفقات المهاجرين القادمين من السودان واحتواء نشاط التهريب العابر للحدود.
ويعود التعاون العسكري بين البلدين إلى الحرب الليبية–التشادية في الثمانينيات، التي دار فيها صراع على شريط أوزو وكان لها تأثير مباشر على مسار خليفة حفتر بعد أسر والده.
ومع سقوط نظام القذافي، تحولت جنوب ليبيا إلى قاعدة خلفية للميليشيات التشادية، ما أسهم في زعزعة استقرار تشاد، خاصة بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي عام 2021 على يد حركة “فاكت” المتمردة التي انطلقت من الأراضي الليبية.
وتأتي هذه الخطوة أيضاً على خلفية الأزمة المتصاعدة في السودان ودارفور، نتيجة القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع الموروثة من ميليشيات الجنجويد والمدعومة إماراتياً، والتي استفادت من خطوط إمداد عبر شرق ليبيا، مما جعل الحدود الجنوبية الليبية نقطة محورية في حركة السلاح والذهب والمقاتلين.
ويمثل إنشاء القوة المشتركة محاولة لإعادة فرض السيطرة على الصحراء، والحد من نفوذ الميليشيات وشبكات التهريب، وترسيخ دور الجيش الليبي كقوة ضامنة للأمن في منطقة عانت فراغاً طويلاً منذ سقوط النظام السابق.