ويضم الفريق الباحثين أوليفيا مينوزي، وأوسكار مي، وسيرينيلا إنسولي، الذين نجحوا حتى الآن في العثور على خمس مقابر في المنطقة، إلا أن المقبرة الأخيرة وصفت بأنها “الأكثر إثارة”، لاحتوائها على أماكن دفن حجرية منحوتة في الصخر، بواجهات معمارية متقنة، وتوابيت ضخمة محفورة في الصخور، تعكس براعة فنية وطقوساً جنائزية دقيقة.
وتم العثور داخل المقبرة على رفات ثلاثة بالغين وعدد من الأطفال، مدفونين مع مجموعة غنية من المقتنيات الجنائزية التي تضمنت فخاراً أتيكياً وآخر محلي الصنع، إضافة إلى قرابين نذرية مثل أطباق الزهور وقوارير زيت عطري، ما يدل على الانتماء الأرستقراطي للأسرة المدفونة.
وقالت مينوزي إن القطع الخزفية المكتشفة تعود إلى القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد، كما عُثر على رأس تمثال لإله جنائزي يمثل الآلهة التي كانت ترافق المتوفى إلى الحياة الآخرة، مشيرة إلى اندماج التقاليد المحلية في برقة مع المعتقدات الدينية اليونانية، خاصة المرتبطة بالإلهتين بيرسيفوني وديميتر.
وأضافت أن رؤوس التماثيل المصنوعة من الرخام تم جلبها من جزر يونانية مثل باروس وناكسوس وأثينا، ما يؤكد الروابط الثقافية والاقتصادية بين شحات والعالم اليوناني القديم.
وأشارت إلى أن الأدلة الأولية ترجّح أن هذه المقبرة تعود لأسرة أرستقراطية امتدت لثلاثة أجيال، في انتظار تأكيد التحليلات الجينية التي تُجرى حالياً بالتعاون مع عالم الأنثروبولوجيا ألفريدو كوبا، ضمن مشروع لرسم الخرائط الجينية للموقع الأثري بأكمله، بمشاركة جامعة سابينزا الإيطالية وكلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية.
وذكرت مينوزي أن بعض الرجال المدفونين كانوا يرتدون تيجاناً من خرز الطين المحروق المغطى بورق الذهب وتطعيمات برونزية صغيرة، وهي علامة على التميز الاجتماعي، وقد ضم القبر الثالث رفات ستة أفراد، أربعة بالغين وطفلين، بينما احتوى القبر الأول الأصغر على عائلة من ثلاثة أفراد فقط.
ويمثل هذا الاكتشاف إضافة بارزة للتاريخ الليبي القديم، ويعزز من أهمية مدينة شحات كأحد المراكز الحضارية الكبرى في العالمين الإغريقي والروماني، حيث تواصل فرق البحث الدولية الكشف عن أسرار دفينة تُسلط الضوء على طبيعة الحياة والمعتقدات في ليبيا القديمة.