Post image

عام على خطة الإصلاح النقدي… الدينار الليبي بلا تحسن

بعد نحو عام على إطلاق مصرف ليبيا المركزي حزمة إصلاحات تستهدف استقرار العملة المحلية وتنظيم سوق الصرف، تشير المؤشرات الاقتصادية إلى أن الدينار الليبي لم يحقق أي مكاسب تذكر، بينما تستمر المصارف في مواجهة نقص حاد في السيولة وارتفاع الضغط على التعاملات اليومية.

وكان المصرف المركزي أعلن، أواخر العام الماضي، برنامجا لإعادة ترتيب السياسة النقدية، شمل سحب أوراق نقدية قديمة، وتوسيع تراخيص شركات الصرافة، وإعادة هيكلة آلية توزيع السيولة على الفروع المصرفية، بهدف الحد من التضخم وتقليص الاعتماد على السوق الموازية.

ورغم هذه الإجراءات، بقي الفارق كبيرا بين السعر الرسمي للدولار وسعره في السوق غير الرسمية؛ إذ بلغ السعر الرسمي في نشرات أكتوبر 2025 نحو 5.38 دنانير، مقابل 7.35 – 7.50 دنانير في التداولات الموازية، وفق مصادر عاملة في الصرف بطرابلس وبنغازي.

ويظهر هذا الفارق أن أدوات المصرف المركزي لم تُفلح في ضبط حركة السوق أو تقليص مستويات المضاربة.

ويقول مصرفيون إن الأزمة ليست مرتبطة فقط بالسيولة المتداولة، بل بطبيعة التمويل العام، مشيرين إلى أن الإنفاق بالعجز واعتماد الدولة على طباعة المزيد من النقد يفاقمان فقدان الثقة في العملة المحلية.

كما يرى خبراء اقتصاديون أن تعدد الحكومات وتداخل الجهات المشرفة على الرقابة المالية يجعل تنفيذ أي إصلاح فعلي أمرا بالغ الصعوبة، بينما يؤدي غياب خطة مالية واضحة إلى استمرار الضغط على السوق.

وتظهر البيانات الرسمية وجود فائض يقارب 50 مليار دينار داخل القطاع المصرفي خلال بداية 2025، إلا أن معظم هذا المبلغ لا يتحرك فعلياً في التداول بين المواطنين بسبب ضعف الثقة بالخدمات المصرفية.

كما ارتفع التضخم، بحسب تقديرات دولية، إلى حدود 15% خلال 2024، في وقت تجاوز فيه الإنفاق العام 77 مليار دينار حتى نهاية العام نفسه، وهو إنفاق يتركز في معظمِه على النفقات الجارية دون مشاريع إنتاجية.

ويرى مختصون أن نجاح أي إصلاح نقدي مرهون بوجود استقرار سياسي ومؤسسي يضمن استقلالية المصرف المركزي وقدرته على تطبيق سياسات متناسقة، معتبرين أن استمرار الانقسام السياسي يُبقي الإجراءات النقدية منفصلة عن ظروف الواقع، ومن ثمّ محدودة الأثر.