وأكد مندوب ليبيا لدى المحكمة الجنائية الدولية، السفير أحمد الجهاني، في تصريحات من لاهاي، أن التواصل بين الجانبين “مستمر ومتقدم”، مشيرا إلى أن الحكومة مددت ولاية المحكمة في ليبيا حتى نهاية عام 2027.
ولفت في الوقت نفسه إلى أن المحكمة لم تشارك طرابلس بالأدلة التي تستند إليها في ملاحقة المطلوبين، بينما قدّم النائب العام الليبي الصديق الصور تقارير تحقيق وطنية في بعض الملفات الحساسة.
وأوضح الجهاني أن صعوبة تنفيذ مذكرات التوقيف تعود إلى وجود بعض المطلوبين خارج البلاد، مثل سيف الإسلام القذافي، أو إلى احتماء آخرين بتشكيلات مسلحة داخل ليبيا، مؤكدا أن التعاون مع المحكمة يسير ضمن ما وصفه بـالتكامل بين القضاءين الوطني والدولي.
وأشار السفير الليبي السابق في الأمم المتحدة إبراهيم جرادة إلى أن “الحكومة تجد نفسها بين مطرقة المجتمع الدولي وسندان الانقسام الداخلي”، مضيفا أن واشنطن تتبنى موقفًا فاترًا تجاه تمديد ولاية المحكمة، ما يزيد المشهد تعقيدا.
وفي المقابل، تتزايد التحركات داخل الأمم المتحدة لإيجاد آلية مراقبة مستقلة للأوضاع الحقوقية في ليبيا، بعد توصية محكمة العدل الدولية بتعيين مقرر خاص لمتابعة الانتهاكات المستمرة، وهي خطوة دعمتها منظمات مثل الحقوقيون الدوليون وهيومن رايتس ووتش، اللتان اعتبرتا أن الإفلات من العقاب بات قاعدة لا استثناء.
ويُنظر إلى ملف ترهونة باعتباره المؤشر الأبرز على فشل السلطات الليبية في محاسبة الجناة؛ فبعد مرور أربع سنوات على اكتشاف المقابر الجماعية التي ضمت مئات الضحايا، ما زالت ميليشيا “الكانيات” بمنأى عن العدالة، رغم مذكرات التوقيف الصادرة بحق قادتها، من بينهم عبد الرحيم الكاني ومخلوف دومة، كما توقف العمل في مواقع الحفر منذ عامين، ما أثار انتقادات واسعة داخل الأوساط الحقوقية.
ورغم إعلان حكومة الدبيبة في مايو الماضي قبول اختصاص المحكمة حتى عام 2027، وهو قرار أثار جدلا قانونيا واسعا كون ليبيا ليست طرفا في نظام روما الأساسي، فإن مجلس النواب اعتبر هذا الإجراء تجاوزا لصلاحيات الحكومة المؤقتة، مؤكدا أن التعاون مع المحكمة من اختصاص السلطة التشريعية.
وفي السياق نفسه، تتعرض طرابلس لضغوط أوروبية بشأن قضية أسامة نجيم، الرئيس السابق لجهاز الشرطة القضائية، الذي أوقف في إيطاليا منتصف يوليو الماضي بطلب من المحكمة بتهم تتعلق بالتعذيب والقتل، قبل أن يُفرج عنه لغياب الأدلة الكافية.