وأوضح السنوسي في حديث صحفي أنّ الضغط الحالي لإغلاق مراكز الإيواء يتقاطع مع توجهات دولية تقودها مفوضية اللاجئين لإلغاء حالات انعدام الجنسية بحلول 2030، محذراً من أنّ ذلك قد يمهد لدمج المهاجرين داخل ليبيا وإعادة النظر في قوانين الجنسية، خصوصاً فيما يتعلق بتسجيل الأطفال المولودين على الأراضي الليبية.
وأشار إلى أنّ غياب استراتيجية وطنية واضحة للتعامل مع التحديات الحالية يجعل ليبيا عرضة لضغوط متزايدة، مؤكداً أنّ تحسين أو دعم مراكز الإيواء لم يكن مطروحاً أوروبياً كخيار، إذ تعمل هذه الدول على إعادة توطين المهاجرين في ليبيا بما يتوافق مع مصالحها.
وحذّر السنوسي من أنّ الدعوات لإغلاق مراكز الاحتجاز قد تكون مقدمة لمنح بعض المهاجرين حقوقاً قد تؤدي مستقبلاً إلى المطالبة بالجنسية، في ظل التحولات الديمغرافية الداخلية، ونزوح سكان الجنوب، وتزايد موجات الهجرة القادمة من دول الساحل الإفريقي، معتبراً ذلك “ناقوس خطر” على التركيبة السكانية ومستقبل الدولة الليبية.
وأشار إلى أنّ ليبيا تواجه منذ سنوات تحديات مستمرة مرتبطة بالهجرة، تؤثر على الأمن القومي والهوية الديمغرافية، مستعرضاً موقع ليبيا الجغرافي ووفرة مواردها كمحرك رئيسي للاهتمام الأوروبي في سياسات الهجرة.
وأضاف أنّ الدعم الدولي المقدم لليبيا محدود للغاية، إذ لا يغطي حتى ترحيل عشرة آلاف مهاجر سنوياً، رغم تخصيص ميزانيات وطنية لعمليات الإعادة إلى بلدان المنشأ.
وأكد السنوسي أنّ ضعف الوضع السياسي والأمني يجعل ليبيا الحلقة الأضعف في مسار الهجرة نحو أوروبا، مما يتيح لبعض الدول والمنظمات ممارسة ضغوط لتغيير التشريعات الليبية، مستغلين فترات غفلة الدولة.
وشدد على أنّ احترام التشريعات الوطنية واجب، لكن الواقع الدولي المبني على تنافس المصالح يجعل ليبيا هدفاً لتصدير أزمات الهجرة إليها.
ولفت إلى أنّ السياسات الأوروبية، المتأثرة بصعود التيارات اليمينية، تعتبر الهجرة تهديداً اقتصادياً وثقافياً، مستغلةً مساحة ليبيا الجغرافية ومواردها غير المستغلة.
وبيّن أنّ بعض الدراسات تشير إلى أنّ ليبيا قادرة على استيعاب ما يصل إلى 200 مليون نسمة، مما يوضح الاهتمام الأوروبي بالملف.
وحذر السنوسي من أنّ الأوروبيين، خصوصاً إيطاليا، يسعون لمعالجة أزمة الهجرة على الأراضي الليبية، خاصة مع إغلاق الحدود الأوروبية وتصاعد موجات النزوح من دول الساحل والسودان، مشيراً إلى أنّ سياسات الجزائر الأكثر صرامة تدفع المهاجرين للعبور عبر ليبيا.
وشدد السنوسي على ضرورة تبني سياسة وطنية واضحة للتعامل مع الهجرة، بعيداً عن الانقسامات السياسية، مؤكداً أنّ الاعتماد على فكرة أنّ المهاجرين مجرد عابرين لم يعد واقعياً، في ظل وجود جيل جديد ولد داخل ليبيا بلا جنسية، وأعداد كبيرة تستقر بغرض العمل أو الإقامة.
وأكد أنّ التعامل مع هذه التحديات يتطلب واقعية سياسية وإدراكاً لحجم الخطر الديموغرافي، محذّراً من اعتماد السياسات الأوروبية التي لا تخدم مصالح ليبيا، ولفت إلى أنّ استخدام مصطلح “لاجئ” من بعض الدول الأوروبية قد يمهد لتغيير الوضع القانوني للمهاجرين بما يخدم مصالحهم.
وأشار السنوسي إلى أنّ غياب سياسة موحدة بين شرق ليبيا وغربها يزيد هشاشة الموقف الوطني، محذّراً من أنّ الفشل في إدارة ملف الهجرة قد يفتح الباب أمام مطالب بمنح حقوق مدنية أو الجنسية للمهاجرين، في ظل التغير الديموغرافي السريع في الجنوب والمدن الكبرى.
وأوضح أنّ التحديات الديمغرافية ليست نتاج الهجرة فقط، بل نتيجة هجرة الليبيين من الجنوب إلى الشمال، وتدفق وافدين إلى الجنوب، ما يؤدي إلى تحولات سكانية مستمرة، مؤكداً أنّ الهجرة غير النظامية تمثل منظومة إجرامية مربحة تتداخل فيها شبكات محلية وإقليمية ودولية.
وتطرق السنوسي إلى تصريحات السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة بشأن جثث مهاجرين في ليبيا، مؤكداً أنّ الانقسام السياسي يزيد من تعقيد المشهد، ويهدد بتحميل ليبيا تبعات غير واضحة الأطراف.
وانتقد ازدواجية المعايير الأوروبية، مشيراً إلى أنّ بعض الدول الأوروبية تطبق قوانين صارمة داخلياً بينما تضغط على ليبيا بمقاييس مختلفة، مستغلة هشاشة مؤسسات الدولة.
وختم السنوسي بالتأكيد على أنّ ليبيا لن تستطيع إدارة أي ملف يمس الأمن القومي، بما في ذلك الهجرة غير النظامية، دون سلطة سياسية موحدة، قادرة على فرض السيطرة على الحدود وتفكيك شبكات التهريب.
وأضاف أنّ الهجرة قضية أمنية قبل أن تكون إنسانية، وأن حماية الأمن القومي تتطلب سياسة وطنية ثابتة لا تتغير بتغير الحكومات، لضمان مواجهة الضغوط الدولية المستمرة.