ويبرز جبل أركنو في الصور ككتلة داكنة ومعزولة وسط بحر من الرمال الفاتحة، تحيط به حلقات صخرية متناسقة تلفت الانتباه من الجو.
وعلى الرغم من أن المنطقة تعد من أكثر مناطق الصحراء الكبرى استقرارا مناخيا، فإن بنيتها الجيولوجية تكشف عن نشاط داخلي قديم شكّل هذه الملامح غير المألوفة.
وفي البداية، رجح بعض الباحثين أن تكون هذه الدوائر ناتجة عن اصطدامات نيزكية، لا سيما أن الصحراء الكبرى معروفة باحتضانها فوهات قديمة. غير أن المسوحات والدراسات الجيولوجية اللاحقة استبعدت هذا الاحتمال، بعدما أظهرت أن تركيبة الصخور وأنماطها لا تنسجم مع آثار الاصطدامات الفضائية.
وتشير المعطيات العلمية الحالية إلى أن هذه الحلقات تشكلت نتيجة اختراق الماغما للصخور المحيطة في مراحل متعاقبة، ما أدى إلى تكون دوائر متداخلة تتجه مراكزها نحو الجنوب الغربي.
وتضم المنطقة مزيجا من صخور البازلت والغرانيت، التي تصلبت في عصور سحيقة قبل أن تغطيها الرمال مع تعاقب الأزمنة.
وتوضح صور التقطتها محطة الفضاء الدولية في سبتمبر الماضي تفاصيل التضاريس المحيطة بالجبل، حيث ترتفع قممه إلى نحو 4600 قدم فوق مستوى سطح البحر.
كما تظهر مراوح من الصخور والرمال تمتد من سفوحه، قبل أن تعترضها سلاسل من الكثبان الرملية المستقيمة التي تشكلها حركة الرياح المستمرة. وتتخلل المنطقة أودية جافة لا تشهد جريانا للمياه إلا نادرا، بفعل المناخ الصحراوي القاسي.
ووفق خبراء ناسا، فإن جنوب شرق ليبيا يتلقى كميات ضئيلة للغاية من الأمطار، تتراوح بين 0.04 و0.2 بوصة سنويا، مع تسجيل ارتفاع طفيف حول الكتل الجبلية بسبب تأثير التضاريس على حركة الهواء والرطوبة.
ويؤكد الباحثون أن هذه التكوينات الجيولوجية الفريدة تمثل فرصة علمية مهمة لدراسة تاريخ حركة الماغما وبنية القشرة القارية في شمال إفريقيا، كما تساهم في فهم التحولات المناخية القديمة في واحدة من أكثر مناطق العالم عزلة وجفافا.