وأرجع هذا الارتفاع القياسي بشكل رئيس إلى الإنفاق الحكومي الكبير في قطاع الإعمار، موضحاً أن معظم العقود تُوقَع بالدينار الليبي ولكن على أساس سعر صرف مرتفع للدولار يبلغ تسعة دنانير، مما يزيد العبء المالي على الدولة بشكل كبير.
وشخّص بوزعكوك في تصريحات لقناة “الوسط” مرضاً هيكلياً في الاقتصاد الليبي يتمثل في الاعتماد “شبه الكلي” على عوائد النفط والغاز كمصدر وحيد للإيرادات، مما حوّل القطاع العام إلى المصدر الرئيس للتوظيف وجعل المواطنين يعتمدون كلياً على الرواتب الحكومية والاستيراد، وأشار إلى خطورة تقلبات أسعار النفط العالمية على هذا النموذج الهش.
كما سلط الضوء على إشكاليات داخل قطاع النفط نفسه، حيث تُصدّر ليبيا معظم إنتاجها على شكل نفط خام دون إضافة قيمة تذكر، على عكس الدول المنافسة.
وحذر من تقادم البنية التحتية للمصافي وخطوط النقل، منتقداً في الوقت ذاته تضخم عدد العاملين في المؤسسة الوطنية للنفط والتي يقدر عدد موظفيها بأكثر من 60 ألفاً، مقارنة بحوالي 10 آلاف موظف في شركة أرامكو السعودية ذات الإنتاج الأعلى.
وكشف بوزعكوك عن أرقام مالية صادمة، حيث أشار إلى وجود نحو 2.5 مليون موظف في الدولة، مع تخصيص ما يقارب 65 مليار دينار في الميزانية لتغطية الرواتب ودعم الوقود والكهرباء، وهو ما يمتص الجزء الأكبر من عوائد تصدير النفط والغاز.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى معوقات هيكلية أخرى تعيق الإصلاح، مثل ضعف تحصيل الضرائب بسبب الانقسام السياسي وتنازع الاختصاص، ومعاناة القطاع الخاص والمشاريع الصغيرة من أزمة سيولة خانقة.
كما أكد على حاجة مخرجات التعليم الفني والجامعي لإعادة تأهيل عميقة لتلبي متطلبات سوق العمل.
واختتم بوزعكوك تحليله بالتأكيد على أن الخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة يتطلب إرادة سياسية حقيقية لتنويع مصادر الدخل الوطني وخلق فرص اقتصادية بديلة خارج نطاق التوظيف الحكومي والاعتماد على القطاع النفطي وحده.