Post image

حبوب مخدرة تحمل صورة القذافي تثير جدلًا أمنياً واسعاً في ليبيا

ضبط شحنة كبتاغون تحمل صور الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، في بنغازي يثير جدلاً واسعاً، وسط تحذيرات أمنية من تصاعد خطر الجريمة المنظمة وتغلغلها داخل ليبيا.

وبحسب ما أعلنه “جهاز المباحث الجنائية” في بنغازي، فإن الشحنة، رغم صغر كميتها نسبياً، اعتُبرت خطيرة لأسباب تتعلق بطبيعة المادة المخدرة، ونوعيتها الجديدة على السوق المحلية، فضلاً عن الرمزية التي حملتها الصورة المنقوشة على ظهر كل حبة، والتي تعود للرئيس الراحل معمر القذافي.

وأكد الجهاز أن تحاليل مخبرية أجريت على الحبوب داخل معامل الطب الشرعي، أظهرت أنها تحتوي على مادة “MDMA”، المعروفة في بعض الدول العربية بمسمى “الشبو”، والمندرجة ضمن فئة الكبتاغون، وهو نوع من المخدرات المنشطة ذات التأثير الشديد على الجهاز العصبي، وتُصنّف كإحدى أخطر المواد الإدمانية عالمياً.

وقد أُنشئت لجنة متخصصة من خبراء المباحث لتحليل الحبوب وتقييم خطورتها، حيث خلصت إلى أن المادة المنشطة تُعد من مشتقات الأمفيتامين، وتسبب زيادة في النشاط والتركيز لدى المتعاطي، إلا أن أعراضها الانسحابية شديدة الخطورة، وتشمل تسارع ضربات القلب، الهذيان، وتشنجات عصبية قد تصل إلى حالات انهيار نفسي حاد.

ورجّحت اللجنة أن يكون مصدر هذه الشحنة من سوريا، حيث تنتج بعض العصابات كميات كبيرة من هذا النوع من المخدرات، قبل تهريبها إلى دول الجوار، بما في ذلك ليبيا، مستفيدة من الفوضى الأمنية وحدود البلاد المفتوحة، وأضافت أن الحبوب قد دخلت إلى ليبيا قبل فترة، ولم يُكشف عنها إلا مؤخراً.

وفيما امتنعت اللجنة عن التعليق على دلالات استخدام صورة القذافي على الحبوب، أكدت أن هذا الجانب يتطلب تدخل أجهزة أمن الدولة المختصة، لكونه يتجاوز الجانب الفني إلى بعد سياسي وأمني حساس، ولم تُصدر أي جهة رسمية حتى الآن توضيحاً بشأن مصدر الشحنة أو الجهات المتورطة في تهريبها.

ويعيد هذا الاكتشاف إلى الواجهة قضية الشحنات المخدرة التي سبق ضبطها في ليبيا وتحمل صوراً لزعماء دول، من بينها قضية بارزة في فبراير 2022، حين صادرت السلطات في مدينة المرج 323 رزمة من الحشيش تحمل صور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد أن وُجدت على شاطئ البحر دون أن تتمكن الجهات الأمنية من ضبط أي مشتبه به.

و وصف الصحافي الليبي سراج الفيتوري الظاهرة بأنها “مريبة وتستدعي التحقيق”، متسائلًا عن مغزى تكرار دخول شحنات مخدرات تحمل صور شخصيات سياسية محلية ودولية، مثل بوتين وتشي غيفارا والقذافي، وأشار إلى أن المسألة قد تنطوي على أبعاد نفسية أو سياسية، وربما تكون أداة ضمن حرب ناعمة تستهدف استقرار البلاد، مطالباً بالتعامل معها كقضية أمن قومي، لا كجريمة جنائية عادية.

ويأتي هذا التطور في وقت تتزايد فيه التحذيرات من تحوّل ليبيا إلى مركز إقليمي لتجارة المخدرات، في ظل ضعف الرقابة الأمنية وتعدد مراكز السلطة والانقسامات السياسية.

وكانت آخر العمليات الأمنية في هذا السياق قد سُجلت قبل أيام في مدينة سبها جنوب غربي ليبيا، حيث ضبطت الأجهزة الأمنية شاحنة محمّلة بـ50 كيلوغراماً من الكوكايين، بالإضافة إلى 418 ألف قرص من مخدر “الترامادول”، مخبأة داخل المقطورة الرئيسية للشاحنة، في محاولة تهريب وصفت بـ”الضخمة والمنظمة”.

ويؤكد أستاذ القانون الجنائي عبدالحميد بن صريتي أن الوضع الأمني والسياسي الهش في ليبيا جعل البلاد أرضاً خصبة لنشاط شبكات تهريب المخدرات العابرة للحدود، مشيراً إلى أن هذه الشبكات تجد في ليبيا ممراً استراتيجياً لتهريب الكوكايين والمخدرات الاصطناعية إلى إفريقيا وأوروبا، تماماً كما أصبحت نقطة انطلاق لقوافل الهجرة غير الشرعية وتجارة السلاح.

وشدد بن صريتي على أن مواجهة هذه الظاهرة لا يمكن أن تتحقق دون استقرار مؤسسي شامل، وخاصة على المستويين الأمني والعسكري، محذراً من أن استمرار الوضع الحالي سيسمح بتحول ليبيا إلى مركز دائم لتوزيع المخدرات في المنطقة، وهو ما يُعد تهديداً حقيقياً للأمن القومي الليبي والإقليمي.