Post image

تقرير يكشف تصاعد تعدين البيتكوين في ليبيا رغم الحظر وحملات الملاحقة

تقرير تحليلي في صحيفة “العربي الجديد” تناول تشديد السلطات الليبية حملتها على تعدين “البيتكوين” غير القانوني، رغم النمو اللافت الذي يشهده هذا القطاع في البلاد خلال السنوات الأخيرة.

وبحسب التقرير الذي تابعته صحيفة “المرصد”، فقد استحوذت ليبيا في عام 2021 على نحو 0.6 في المئة من معدل تجزئة “البيتكوين” العالمي، متجاوزة بذلك عدداً من الدول الأوروبية، لتبرز كإحدى الدول الرائدة إقليمياً في هذا المجال، وهو ما دفع السلطات لاحقاً إلى تكثيف حملاتها الأمنية ضد نشاط التعدين غير القانوني.

وأوضح التقرير أن هذا القطاع ما يزال غامضاً من الناحية القانونية، إذ تستمر عمليات التعدين رغم قرار المصرف المركزي الصادر عام 2018 بحظر معاملات العملات الرقمية بسبب مخاوف تتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، في وقت لم يصدر فيه أي تشريع شامل ينظم هذا النشاط بعد مرور سبع سنوات، وهو ما وضع المشغلين والنيابة العامة والمواطنين في حالة ارتباك قانوني.

وأرجع التقرير بروز ليبيا كأفضل دولة عربية وإفريقية في تعدين “البيتكوين” إلى انخفاض تكاليف الكهرباء، حيث يرى خبراء أن سعر 0.004 دولار للكيلوواط/ساعة يجعل البلاد من بين أرخص الأماكن عالمياً لازدهار العملات الرقمية.

ونقل التقرير عن الخبيرة القانونية نادية محمد قولها إن معظم عمليات التعدين تتم داخل مجمعات محصنة تخفي بصماتها الحرارية خلف الخرسانة، بينما يعوّل المشغلون على انخفاض تكلفة الكهرباء والفوضى المؤسسية التي تمنحهم أفضلية على السلطات، في ظل منطقة رمادية قانونية.

وأضافت أن القوانين الليبية لا تجرّم التعدين صراحة، موضحة أن قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية تتناول بعض الجوانب المرتبطة به بشكل غير مباشر، مؤكدة أن صناعة العملات المشفرة بحد ذاتها ليست فعلاً إجرامياً، لكن ما يعرض المعدنين للملاحقة هو الجرائم المصاحبة للنشاط.

وأشارت إلى أن هذه الجرائم تشمل الاستهلاك غير القانوني للكهرباء، واستيراد معدات محظورة، أو استخدام العائدات في أغراض غير مشروعة كغسل الأموال، داعية المصرف المركزي إلى إصدار تصاريح وتنظيم هذا النشاط بدل تركه في فراغ تشريعي.

وبيّنت أن المحاكم أصدرت بالفعل أحكاماً بالسجن بحق متورطين، غير أن عمليات جديدة تظهر بوتيرة أسرع من قدرة السلطات على تفكيكها، وفي السياق ذاته، نقل التقرير عن الباحث الاقتصادي أيوب الأوجلي قوله إن الغموض القانوني يعكس فشلاً أعمق في منظومة الحوكمة، موضحاً أن التعدين يعمل حالياً خارج إطار الدولة بالكامل، ومتسائلاً عن مدى خضوعه لنطاق اختصاصها، معتبراً أن خروجه عن الإطار الرسمي ينعكس على سياسة الطاقة والأمن القومي.

وشدد الأوجلي على ضرورة توجه الدولة نحو تنظيم هذا القطاع وإصدار تشريعات واضحة تحكمه بشكل مباشر، معتبراً أن التعدين يمكن أن يتحول إلى مصدر دخل وطني، خاصة مع إمكاناته التقنية القادرة على دعم الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب.

ووفق التقرير، وصف معنيون هذا النشاط بالخطير بطبيعته في السياق الليبي، في ظل غياب إطار قانوني واضح وتداخله مع شبهات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وذكروا أن نحو 54 ألف ليبي، أي ما يعادل 1.3 في المئة من السكان، يمتلكون عملات مشفرة حتى عام 2022، وأن هذا الرقم ارتفع بنسبة 88 في المئة بحلول أوائل 2024، مدفوعاً بانتشار الإنترنت، ما دفعهم إلى المطالبة بلوائح أكثر صرامة لتنظيم التعدين والتجارة في ظل تزايد الطلب على العملات الرقمية.

وأشار التقرير إلى أن قطاع التعدين يستهلك وفق تقديرات ما يقرب من 2 في المئة من إنتاج الكهرباء السنوي في ليبيا، وهي طاقة تُسحب من الحصص المخصصة للمستشفيات والمدارس والاستهلاك اليومي للمواطنين.

وفي هذا السياق، نقل التقرير عن محمد الفوزي من الشركة العامة للكهرباء قوله إن عمليات التعدين تستهلك أكثر من ألفي ميغاواط لكل عملية، وهو ما يشكل استنزافاً كبيراً لبنية تحتية تعاني أصلاً من التوصيلات غير القانونية والسرقات والإهمال المزمن.

وأضاف الفوزي أن سرقة خطوط وأبراج الكهرباء من قبل أفراد وعصابات منظمة فاقمت من ضعف الشبكة، معتبراً أن انتشار تعدين العملات الرقمية في ليبيا هو نتيجة مباشرة لانخفاض أسعار الطاقة وتدهور الوضع الأمني في مختلف المناطق.