وتعد هذه الموانئ بوابات رئيسية للتجارة والطاقة، وعنصرا أساسيا في دعم فرص التنمية والاستثمار في منطقة تمتلك موارد طبيعية وبشرية كبيرة.
ويمتد الساحل الشرقي لليبيا على مسافة طويلة، ما يمنحه أهمية لوجستية خاصة في حركة التبادل التجاري، ويبرز ميناء بنغازي التجاري إلى جانب عدد من الموانئ النفطية الكبرى، مثل البريقة والزويتينة ورأس لانوف والسدرة، كعناصر فاعلة في المنظومة الاقتصادية، سواء على مستوى تأمين احتياجات السوق المحلية أو دعم صادرات الطاقة.
ويعد ميناء بنغازي أحد أكبر الموانئ التجارية في البلاد من حيث المساحة والطاقة التشغيلية، إذ يضم عشرات الأرصفة المخصصة لمختلف أنواع البضائع، من الحاويات إلى السلع العامة.
وتتيح قدرته الاستيعابية العالية تلبية جانب مهم من احتياجات شرق ليبيا، الذي يعتمد بدرجة كبيرة على الاستيراد لتغطية الطلب على السلع الأساسية والمنتجات الصناعية.
وإلى جانب ذلك، تشكل الموانئ النفطية في الشرق الليبي العمود الفقري لصادرات الطاقة، حيث تستخدم في شحن النفط الخام والمشتقات النفطية إلى الأسواق العالمية.
وتعتمد المالية العامة للدولة الليبية إلى حد كبير على العائدات المتأتية من هذه الموانئ، التي تمثل شريانًا رئيسيا لإيرادات الخزينة.
ورغم التحديات السياسية والأمنية التي شهدتها ليبيا منذ عام 2011، حافظت الموانئ الشرقية على استمرارية العمل، مع محاولات متواصلة لتحسين الخدمات ورفع كفاءة التشغيل.
وتسعى الجهات المشرفة على قطاع النقل البحري إلى تطوير البنية التحتية وتحديث الإجراءات بما يتماشى مع المعايير الدولية، في مسعى لجذب الاستثمارات وتعزيز القدرة التنافسية.
وتفتح هذه الجهود الباب أمام آفاق تنموية واعدة، خاصة مع التوجه نحو إدخال تقنيات حديثة في إدارة الموانئ، وتسهيل عمليات التخليص الجمركي، وربط النشاط البحري بالمناطق الاقتصادية وسلاسل الإمداد الإقليمية، ما يعزز موقع الشرق الليبي كمحور تجاري في المتوسط.
وفي المقابل، تواجه الموانئ البحرية في الغرب الليبي تحديات بنيوية وإدارية أثرت بشكل واضح على دورها الاقتصادي. وتشير تقارير متخصصة إلى تراجع مستوى البنية التحتية في بعض الموانئ، وفي مقدمتها ميناء طرابلس، إلى جانب بطء الإجراءات الإدارية وارتفاع مستويات البيروقراطية، ما يحد من جاذبية هذه المرافق أمام النشاط التجاري.
كما تسجل شكاوى متكررة من ارتفاع تكاليف النقل والخدمات اللوجستية، فضلا عن ضعف كفاءة إدارة الحاويات والتخليص، الأمر الذي دفع بعض الأنشطة التجارية إلى التحول نحو موانئ أخرى داخل ليبيا أو خارجها.
وتزداد الصورة تعقيدا مع تقارير تتحدث عن ممارسات فساد وغياب الشفافية داخل بعض المرافق البحرية في الغرب، إلى جانب استغلال الموانئ في أنشطة تهريب الوقود والبضائع، ما ينعكس سلبًا على الاقتصاد الرسمي ويقوض ثقة المستثمرين.
وتشير تقارير دولية إلى نشاط شبكات تهريب بحرية عبر عدد من المناطق الساحلية الغربية، مستفيدة من ضعف الرقابة وغياب منظومة فعالة للمساءلة، وهو ما يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة للدولة ويغذي اقتصادًا موازيًا خارج الإطار القانوني.