Post image

اكتشاف علمي يوثق عودة “أشباح الصحراء” إلى ليبيا بعد عقود من الغياب

في عمق الصحراء الكبرى، تمكن فريق بحثي ليبي ودولي من توثيق ظهور نوعين نادرين من الكائنات البرية يُعرفان بين العلماء بـ”أشباح الصحراء”، هما القط الرملي وابن عرس المخطط الصحراوي، في جنوب غرب ليبيا، بعد أن ظن الباحثون أنهما اختفيا من البلاد نهائياً.

الدراسة، التي نُشرت في دورية “جورنال أوف أرد إنفايرونمنتس”، تعد أول توثيق علمي لعودة هذه الأنواع، حيث كشف الباحثون عن مشاهدات مباشرة موثقة بالصور والفيديو من قبل مراقبين مدربين، دون استخدام كاميرات الفخاخ أو أي تدخل في بيئة الكائنات.

الدكتور فراس حيدر، باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة سول بلاتجي بجنوب إفريقيا وأحد قادة المشروع، أوضح أن الاكتشاف بدأ بعد ملاحظات من متعاونين محليين اعتادوا استكشاف المناطق النائية، إذ رصدوا حيوانات صغيرة وغير مألوفة، ما حفّز الفريق على توثيقها علمياً.

وأشار حيدر إلى أن الفريق فوجئ بعدد المرات التي شوهد فيها القط الرملي وابن عرس المخطط في مناطق لم تكن معروفة ضمن نطاق انتشارهما، مما يشير إلى أن الجنوب الغربي الليبي قد يمثل ملاذاً مهماً للحيوانات المتكيفة مع البيئات الصحراوية القاسية.

وبيّن أن هذه الدراسة قدّمت أول دليل مادي مصور على وجود القط الرملي في ليبيا، مؤكداً أن هذا النوع، الذي تكيف بشدة مع البيئات الجافة، كان يُعتقد وجوده منذ خمسينيات القرن الماضي دون أدلة مؤكدة حتى الآن.

كما أظهرت النتائج أن ابن عرس المخطط الصحراوي ينتشر في مناطق أبعد جنوباً مما كان معروفاً، ما يعزز الفرضية بوجود تواصل بيئي بين تجمعات الحيوانات في شمال إفريقيا.

إلا أن الباحثين حذروا من تهديدات متزايدة تواجه هذه الكائنات، أبرزها الصيد غير المشروع والاتجار بها، حيث تُباع بعض القطط الرملية كحيوانات أليفة، ويُستخدم ابن عرس المخطط في ممارسات الطب الشعبي والطقوس التقليدية، مما قد يؤدي إلى تناقص أعداده.

ودعا د. فراس إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية هذه الأنواع، تشمل تنظيم حملات توعية، وتنفيذ مسوح ميدانية موجهة، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية للحيوانات آكلة اللحوم الصغيرة في ليبيا، بالإضافة إلى دعم الأبحاث والتعاون مع المنظمات البيئية الدولية.

واختتم حديثه قائلاً: “حتى في الأماكن التي نعتقد أنها خالية من الحياة، هناك كائنات تقاوم بصمت. إعادة اكتشاف القط الرملي وتوسيع نطاق ابن عرس المخطط يذكّرنا بواجبنا في حماية تنوع الحياة البرية قبل أن تختفي في صمت الصحراء.”