Post image

احتجاجات متصاعدة في ليبيا ضد توطين المهاجرين غير الشرعيين

شهدت العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة في الأيام الأخيرة احتجاجات واسعة ضد توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، في مشهد يعكس تنامي الغضب الشعبي من هذه القضية.

وفي ميدان الشهداء بطرابلس، رفع المحتجون شعارات مثل “ليبيا ليست مكاناً للاجئين” و”لا لتوطين المهاجرين”، بينما أخذت الأمور منحى أكثر حدة في مصراتة، حيث أُحرق سوق عشوائي يقطنه مهاجرون أفارقة وطُرد سكانه، في إشارة إلى تصاعد الغضب الشعبي.

ويستضيف ليبيا حالياً نحو 2.4 مليون أجنبي ، بحسب مصدر حكومي، منهم 78% دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية، معظمهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

وهذه الأرقام الضخمة دفعت السلطات الأمنية للتحرك، خاصة في مدينة صبراتة غرب البلاد، حيث دشنت الأجهزة الأمنية حملات تستهدف المهاجرين غير النظاميين، في ظل نشاط متزايد لشبكات تهريب البشر واعتماد المدينة كنقطة انطلاق للهجرة عبر البحر المتوسط.

وأشار مصدر أمني رفيع إلى أن الخطة تشمل إجراءات ضد أصحاب العقارات الذين يؤجرون مساكن للمهاجرين، مؤكداً أن التحرك جاء بعد توثيق تجاوزات وجرائم نسبت إلى بعض المهاجرين، وسيتم التعامل معها وفق القوانين النافذة.

ويرى خبراء قانونيون أن الحملات الأمنية الأخيرة جاءت نتيجة ارتكاب بعض المهاجرين تجاوزات وجرائم أثارت قلق الأسر الليبية، مشيرين إلى أن ليبيا أصبحت دولة عبور نحو أوروبا، وهو ما اعتبروه “عملية إجرامية” تسعى السلطات إلى الحد منها.

وفي الوقت نفسه، انتقد هؤلاء غياب دور فعال للدول الأوروبية والأمم المتحدة في مواجهة الأزمة، مؤكدين أن البلاد لا تملك القدرات الكافية لمعالجتها منفردة.

ومن جانب آخر، يرى محللون سياسيون وحقوقيون أن الغضب الشعبي مرتبط بتورط بعض المهاجرين في الجريمة المنظمة، وغياب الوثائق الرسمية التي تثبت هوياتهم أو سجلاتهم الجنائية، إضافة إلى تهديدات صحية محتملة بسبب انتشار أمراض غير مألوفة.

كما يشيرون إلى منافسة المهاجرين الليبيين في سوق العمل بشكل غير عادل، واستفادتهم من الخدمات المدعومة دون دفع أي رسوم، ما يزيد من الاحتقان الشعبي، ويعتبر البعض أن التزايد المستمر للمهاجرين يمثل تهديداً ديمغرافياً قد يؤثر على الهوية السكانية للبلاد على المدى الطويل.

وفي ظل هذه المعطيات، يتواصل الجدل حول مستقبل المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، بين ضغوط الداخل الرافض للتوطين، وغياب الدعم الدولي الكافي لمعالجة أزمة تتجاوز قدرات البلاد الحالية.