Post image

اتساع نطاق العنف الرقمي ضد النساء

سلطت أرقام جديدة الضوء على اتساع نطاق العنف الرقمي ضد النساء في ليبيا، في وقت ما تزال فيه الحماية القانونية محل جدل وتأخير تشريعي، رغم تزايد المبادرات الرسمية والحديث المتكرر عن “الأمن الرقمي” وضرورة مواجهة الابتزاز والتشهير عبر الإنترنت.

وقالت وزارة الدولة لشؤون المرأة في حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، إنها تسلمت تقريرا من المفوضية الوطنية العليا للانتخابات يوثق نحو 85 ألف حالة عنف إلكتروني استهدفت المرشحات للانتخابات البلدية خلال عام 2025.

ورغم إشارة الوزارة إلى صعوبة التحقق التفصيلي من العدد، اعتبرت أن المؤشر يكشف حجم الاستهداف الذي تواجهه النساء عند محاولتهن دخول المجال العام، خصوصًا في السياق الانتخابي.

وبحسب مضمون التقرير كما عرضته الوزارة، فإن الوقائع الموثقة لا تتعلق بإساءات عابرة أو مشادات فردية، بل تتصل بأنماط متكررة من الترهيب والتشهير والتهديد والابتزاز، تستخدم وفق توصيفات حقوقية للضغط على المرشحات ودفع بعضهن إلى الانسحاب أو الصمت تحت وطأة المخاطر الاجتماعية والأمنية.

ورأت الوزارة أن ظهور هذه الأرقام يمثل تحولا لافتا مقارنة بسنوات سابقة غابت فيها الإحصاءات الرسمية، ما جعل العنف الرقمي يحصر في نطاق شهادات فردية لا تترجم إلى سياسات واضحة.

غير أن ناشطات لفتن إلى أن التقرير يظل محدودا لأنه يركز على المرشحات فقط، بينما تتعرض شرائح واسعة من النساء بينهن صحافيات وناشطات ومحاميات ومدونات لأشكال مشابهة من الاعتداءات الرقمية بصورة شبه يومية.

وعلى مستوى التشريعات، يطرح العنف الرقمي مجددا بوصفه اختبارا لقدرة الدولة على حماية النساء قانونيا، ففي حين يعد قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الإطار الرسمي المعتمد لملاحقة جرائم مثل الاختراق والابتزاز والتشهير.

ولا يزال مشروع قانون “مناهضة العنف ضد المرأة” عالقا في مجلس النواب منذ عام 2018، دون حسم نهائي، وهو ما تعتبره جهات حقوقية “ثغرة” تترك الضحايا دون مظلة شاملة تعترف بالعنف الرقمي باعتباره جزءا من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وفي موازاة ذلك، أعلنت وزارة الدولة لشؤون المرأة في نوفمبر الماضي عزمها تنظيم مؤتمر دولي في يونيو 2026 لمناقشة “الاستهداف الرقمي الإجرامي للنساء”، بالتزامن مع فعاليات نظمتها جهات رسمية أخرى وتناولت الابتزاز الإلكتروني ومفاهيم الأمن الرقمي.

ونقلت المادة عن الناشطة الحقوقية خيرية بركات قولها إن الاكتفاء بتقرير واحد يعكس غياب قاعدة بيانات وطنية شاملة، ويشير إلى مقاربة تتعامل مع الأزمة بمنطق “رد الفعل” بدل بناء سياسات طويلة الأمد تقوم على الوقاية والحماية والمساءلة.

وحذرت من أن آثار العنف الرقمي لا تقف عند حدود الفضاء الإلكتروني، بل تمتد إلى أضرار نفسية واجتماعية واقتصادية، ما يجعل مواجهته مرتبطة مباشرة بتشريعات أكثر صرامة ومؤسسات قادرة على الاستجابة وحماية الضحايا ومحاسبة الجناة.