Post image

أكاكوس ونفوسة والهروج ثلاثية جبلية ساحرة تنتظر المغامرين في ليبيا

ليبيا تجمع بين الصحراء الشاسعة والطبيعة الغنية، حيث تتجاور الجبال المهيبة المزدانة بالنقوش الأثرية مع السهول الرحبة، لتشكل لوحة جغرافية وحضارية فريدة.

وفي هذا الإطار هناك جولة معرفية وسياحية إلى ثلاث وجهات بارزة: جبال أكاكوس في الجنوب الغربي، وجبال نفوسة في الشمال الغربي، وجبل الهروج في الوسط، لتقدم دليلاً متكاملاً يشمل تفاصيل الزيارة من طرق الوصول إلى خيارات الإقامة وتكاليف الرحلات.

وتقع جبال أكاكوس، المصنفة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، على بعد نحو 100 كيلومتر شرق مدينة غات، وتعود تسميتها إلى الأمازيغ الطوارق وتعني الكتل الصخرية.

وتضم هذه السلسلة أقواساً طبيعية وتكوينات حجرية مذهلة، تحمل على جدرانها نقوشاً ورسومات عمرها أكثر من 12 ألف عام، بعضها يعود إلى 15 ألف سنة، وتوثّق مشاهد صيد وطقوساً دينية واحتفالات إنسانية، ما يجعلها شاهداً على مراحل تاريخية سحيقة حين كانت المنطقة سهولاً خضراء تعج بالحياة.

وأما جبل نفوسة الممتد غرب طرابلس باتجاه الحدود التونسية، فيُعد موطناً لمدن تاريخية مثل يفرن وجادو ونالوت والزنتان، ويتيح لزواره فرصة التعرف على القرى القديمة والقصور التقليدية، مع إمكانية الإقامة في بيوت ضيافة محلية بمدينتي غريان أو نالوت، وتُسعّر الرحلة الشاملة – وفق شركات محلية – بحوالي ألف دولار للفرد، تتضمن التنقل والإعاشة والبرنامج السياحي.

وفي قلب ليبيا، يتربع جبل الهروج على مساحة تتجاوز 44 ألف كيلومتر مربع، ليكون أكبر حقل بركاني في شمال إفريقيا، ويضم أكثر من 150 بركاناً خامداً ومخاريط وفوهات تحيط بها طبقات حمم سوداء.

ويعد بركان “واو الناموس” من أبرز معالمه، بارتفاع 575 متراً وفوهة تمتد بين 10 و 20 كيلومتراً، تحيط بها بحيرات مياه عذبة ونباتات متنوعة. ورغم جماله الفريد، يتطلب الوصول إلى الهروج تجهيزات خاصة وسيارات دفع رباعي ومؤناً كافية، حيث يغيب عن محيطه أي خدمات أو مرافق إقامة، ما يجعل التخييم الخيار الوحيد للزوار.

ويصف المصور المحترف حامد الزرقاني، أحد زوار هذه المناطق، انطباعه قائلاً إن “رهبة المشهد ودهشته” كانت أول ما شعر به عند وطء قدميه لهذه الجبال، مشيراً إلى أن توثيقه ركز على التشكيلات الصخرية التي بدت كمنحوتات طبيعية، والنقوش التي تجسد تواصلاً بين الماضي والحاضر.

ومن جانبه، يرى المصور سند الأحلافي، مؤسس الفريق الليبي للمغامرة والاستكشاف، أن الشغف بالطبيعة والرغبة في كشف أسرارها كانا أساس تكوين الفريق، مشيراً إلى أن الرحلات تنوعت بين المغامرة والترفيه ورعاية كبار السن والعائلات، مع تنظيم أفواج زارت المنطقة من إيطاليا وألمانيا.

وتقدّر بعض شركات السياحة كلفة هذه الرحلات بحوالي 250 دولاراً للفرد لمدة أربعة أيام، تشمل الوجبات والإقامة في خيام مجهزة ومقاعد في سيارات دفع رباعي يقودها خبراء محليون.

وتصل تكلفة البرامج السياحية الشاملة، التي تنظمها شركات مثل “المنظمة الليبية للرحلات السياحية”، إلى نحو 1350– 1600 دولار للفرد، وتشمل النقل والإعاشة والإقامة إلى جانب برامج التخييم ومسارات المشي والإبل.

وتروي المواطنة الليبية أسمهان الهمل، التي زارت جبال أكاكوس، أن التجربة تجاوزت توقعاتها، ووصفتها بأنها “فضاء جيولوجي وتاريخي يوازي غابة متحجرة”، مشيدة بمستوى التنظيم والتنسيق مع الشرطة السياحية الذي وفر شعوراً عالياً بالأمان.

ويحذر خبير الآثار رمضان الشيباني من المخاطر التي قد تواجه هذه المواقع نتيجة السياحة غير المنظمة، مؤكداً أن حماية النقوش والطبقات الأثرية تتطلب إشرافاً مباشراً من مصلحة الآثار ووزارة السياحة والشرطة السياحية، باعتبار أن هذه المناطق تمثل إرثاً عالمياً يتجاوز حدود ليبيا.