وقف محمد التائب (70 عاماً) أكثر من سبع ساعات أمام مصرف الجمهورية – فرع جامعة طرابلس، ليجد في النهاية أن سحب ألفي دينار (363 دولاراً) أصبح مستحيلاً، بعد أن خفض المصرف السقف إلى ألف دينار فقط (181 دولاراً)، يقول التائب: “السيولة تأتي يومين فقط في الشهر، وبقية الأيام يكون المصرف فارغاً”.
لا تقتصر المعاناة على فروع المصارف، فماكينات السحب الآلي تشهد هي الأخرى ازدحاماً كبيراً. يروي فاتح التاورغي (45 عاماً) أنه قضى “يوماً كاملاً بين محاولات الوصول إلى ماكينة تعمل” دون نجاح.
يُفسر المحلل المالي عبد الحكيم عامر الأزمة بأن “مصرف ليبيا المركزي سحب نحو 45 مليار دينار من التداول خلال الأشهر الماضية”، ما تسبب في نقص حاد في السيولة، ويشير إلى أن “شريحة واسعة من السوق ما زالت تعتمد بشكل شبه كامل على الدفع النقدي”.
يحذر الخبراء من أن المشكلة “هيكلية وليست ظرفية”، ويُعتبر أستاذ الاقتصاد جمعة المنتصر أن الأزمة “انعكاس لأزمة نقدية أعمق تتداخل فيها عوامل سياسية ومصرفية ونقدية”.
يقول المصرفي أحمد الغرياني إن “غياب خريطة إصلاح مصرفي يزيد من تفاقم الأزمة”، مشيراً إلى أن “المصرف المركزي لم يعلن حتى الآن خطة شاملة لتحسين الخدمات أو تحديث البنية التكنولوجية”.
تُظهر هذه الأزمة التحديات العميقة التي تواجه القطاع المصرفي الليبي، حيث يجمع الخبراء على أن الحلول تتطلب إصلاحاً شاملاً يتجاوز مجرد ضخ السيولة إلى معالجة البنية التحتية والتقنية للنظام المصرفي.