ويرى محللون أن الأزمة المالية تكشف حجم الفساد المستشري في البلاد، بالإضافة إلى هشاشة إدارة المال العام في ظل الانقسام الحكومي المستمر، وما يترتب على ذلك من تأثيرات مباشرة على الاقتصاد والعملات الأجنبية.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي حسام الدين العبدلي إن الأزمة الحالية سببها الفساد الإداري والمالي الظاهر في المؤسسات الحكومية، مضيفاً في حديث لـ”إرم نيوز” أن الفساد أدى إلى سرقات، وعدم حصول المواطنين على حقوقهم، وتضخم الميزانيات، ما انعكس سلباً على الاقتصاد الوطني وسعر العملة الصعبة.
وشدد العبدلي على غياب الرقابة الفعالة، قائلاً: “الأجهزة الرقابية مثل هيئة الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة منوط بها الحفاظ على المؤسسات الليبية ومنع انهيارها، لكننا لا نرى لها أي دور حقيقي في مواجهة الفساد المستشري”.
وأكد أن الشعب الليبي فقد الثقة في هذه الجهات، بالإضافة إلى الحكومتين المتنافستين، وسط ظلم اجتماعي واقتصادي متفاقم.
ومن جهته، اعتبر الناشط السياسي حسام الفنيش أن الوضع المالي في ليبيا تجاوز حدود الأزمة الاقتصادية ليصبح تهديداً مباشراً لاستقرار الدولة.
وأوضح أن الفوضى المالية الناتجة عن وجود حكومتين متنافستين وإيرادات موازية أدت إلى الهدر والإسراف، وعمّقت الانقسام السياسي وأضعفت المؤسسات الوطنية، ما يجعل أي محاولة لإعادة الاستقرار الاقتصادي صعبة التنفيذ.
وشدد الفنيش على أن الحلول المالية يجب أن تكون عملية وواقعية، وتتمثل في توحيد الحكومة والمؤسسات المالية والسيادية، بما يشمل المؤسسات الاستثمارية والرقابية، لضمان وجود جهة مركزية قادرة على إدارة الموارد العامة بكفاءة، ووضع سياسات مالية واضحة وقابلة للتطبيق، مع تفعيل آليات الرقابة على المستويين المحلي والوطني لضمان الشفافية ومنع أي هدر أو فساد.
وأكد أن وجود ميزانية موحدة وعادلة يمثل حجر الزاوية للإصلاح المالي، من خلال تخصيص الموارد للمشاريع والتنمية المحلية وفق الأولويات الوطنية، وضمان توزيع متوازن للإنفاق على مختلف القطاعات والمناطق.
كما دعا إلى إنشاء مجلس أعلى للتخطيط الاقتصادي والمالي على مستوى الدولة كهيئة سيادية مستقلة لمتابعة الميزانية وتحديد الأولويات الوطنية والمحلية وربط السياسات المالية بالأهداف الاقتصادية والتنموية طويلة المدى.
وأشار الفنيش إلى أهمية خفض الإنفاق العام غير الضروري، وتوجيه الموارد نحو المشاريع الإنتاجية، مع التركيز على التعليم التقني والفني، وتقليل التعيينات الحكومية المفرطة، وتشجيع القطاع الخاص في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة للاستدامة الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن الاعتماد على النفط.